بمعرض فني.. السويداء تحول ذاكرة الاشتباكات إلى منبر للفن والمقاومة
بمعرض فني.. السويداء تحول ذاكرة الاشتباكات إلى منبر للفن والمقاومة
شهدت مدينة السويداء السورية، أمس السبت، إقامة معرض فني وأمسية موسيقية في أحد المواقع التي كانت مسرحاً لمجزرة دامية قبل شهرين أودت بحياة عشرات المدنيين.
لم يكن اختيار المكان اعتباطياً، بل جاء كفعل واعٍ يهدف إلى تحويل الذاكرة الدموية إلى منبر ينبض بالفن، ورسالة مقاومة تقول إن المدينة قادرة على إعادة الحياة رغم قسوة الجراح، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الأحد.
وربط فنانو السويداء فعاليتهم هذه بسلسلة نشاطات تنظم في بلدان مختلفة من العالم، لتوحيد الصوت الفني وإيصاله إلى الرأي العام الدولي.
أرادوا من خلال الريشة واللحن أن يعبروا عن صرخة المدينة المحاصرة، وأن يثبتوا أن الفن قد يكون أقوى من الرصاص، وأكثر رسوخاً من الموت.
المضافات تتحول إلى منابر للفن
اعتبرت الفنانة التشكيلية نسرين الحسين، أن الفن هو الوسيلة الأصدق لإحياء الذاكرة، وقالت: "مشاركتي كانت ضمن فعالية لفناني السويداء في أنحاء العالم، بهدف إيصال رسالتنا للعالم من خلال الأماكن التي ارتكبت فيها مجازر، لنثبت أننا مستمرون في المقاومة".
وطالبت بإعادة المختطفين إلى عائلاتهم، مؤكدة أن كل لوحة رُسمت كانت تجسيداً لأشخاص راحوا ضحية الهجمات، وأن الفن قادر على أن يحمل صرخة المدينة إلى العالم.
من جهتها، وصفت الفنانة سماح العطواني ما حدث في السويداء بأنه "جرح لا يتخيله العقل البشري".
وأكدت أن مشاركتها جاءت لتجسيد روح الصمود، مضيفة: "بالرغم من أن شبح الموت كان يحاوطنا، إلا أننا استطعنا إثبات وجودنا وقدرتنا على المقاومة لنستعيد مدينتنا كما كانت".
الريشة في وجه الرصاص
رأت الفنانة عبير كيوان أن الفن يمثل سلاحاً بديلاً في مواجهة العنف، وقالت: "سلاحهم الرصاص، أما نحن فسلاحنا الريشة".
ووصفت السويداء بأنها "مدينة منكوبة"، معتبرة أن حضور الفنانين والمثقفين والمهنيين في هذا الحدث بمنزلة إثبات للانتماء، ورسالة مفادها أن المجتمع المحلي قادر على التعبير عن ذاته بأدوات سلمية رغم المآسي.
وأوضحت أنها استلهمت من الحجر البازلتي رمز الهوية والانتماء، ومن القناطر التي تحكي حكايات الألم والأمل، فجسدت راقصة تعبّر عن الروح الطموحة المتطلعة إلى الحياة.
واستخدمت ألواناً مشرقة للسماء، في إشارة إلى أن الطريق لم ينتهِ، وأن إرادة البقاء مستمرة.
إبراز الوجه المشرق
ابتعدت الفنانة كاتيا الأطرش عن مشاعر الحزن، وقالت إنها أرادت أن تقدم شيئاً إيجابياً يبرز الوجه الجميل للسويداء.
وأوضحت: "رغبت في تصوير فرسان السويداء الذين خاضوا معارك التحرير ضد الاستعمار، وجسدت الخيول التي ارتبطت بتاريخنا وأغانينا الشعبية. أردت أن تكون مشاركتي إطلالة على القوة والجمال، لا مجرد استحضار للحزن".
أكدت الفنانة سمرة خويص أن الفن يظل الصوت الأقوى في مواجهة الحروب، مشيرة إلى أن الأغاني والموسيقى والألوان تشكل لغة عالمية قادرة على نقل مشاعر الفرح والحزن والألم دون قيود.
وقالت: "هذه هي رسالتنا: رسالة الفن، الرسم، والموسيقى. نحن نواجه الهجمات الوحشية برسالة تؤكد أن الشعب قادر على خلق الحياة مهما كانت الظروف".
زهرة من رحم الرصاص
اختارت الفنانة هاجر غرز الدين أن تقدم لوحات تجسد الأمل رغم الألم، حيث رسمت عنقود عنب يرمز إلى تكاتف أهل السويداء، ولوحة أخرى تنبثق فيها زهرة من رصاصة، في إشارة إلى ولادة الحياة من رحم الموت.
وقالت: "رسالتنا أن نحافظ على ثقافتنا القائمة على الفن والسلام والحياة، وألا نسمح لأحد أن يقصينا عن هذه القيم".